وجهة نظر فنية نادر الداني التحليل الفني للقاء السودان وغينيا بيساو
وجهة نظر فنية
نادر الداني
التحليل الفني للقاء السودان وغينيا بيساو
هناك عدة عوامل لعبت دوراً اساسياً لتكون هي نقاط فارقة في المستوى الذي قدمه صقور الجديان في مبارياتهم في البطولة العربية التي اقيمت بالدوحة وكذلك في بطولة امم افريقيا المقامة حاليا في الكاميرون.
كما هو معلوم للجميع فلقد قدم منتخب السودان مستويات سيئة للغاية في بطولة العرب والتي اقيمت في قطر وعكس صورة لم نكن نتمناها ابداً بل كان المنتخب هو حصالة لمجموعته وتذيلها عن جدارة واستحقاق وكان اداؤه باهتاً وعقيماً والاغرب من ذلك ان الجميع توقع الظهور بهذا المستوى المخجل نسبة لان مثل هذه الامور تسبقها دائما ما يدل عليها فلقد كانت عملية الاختيار هي اولى اسباب فشل المنتخب في تقديم نفسه بصورة مميزة، وتبع ذلك معدل اعمار اللاعبين وكذلك الخطط العقيمة التي كان يلعب بها فيلود المدرب الاجنبي الذي اخذ فرصة كافية امتدت لسنوات لكنه ظل عاجزاً عن احداث طفرة في المنتخب وكذلك معاونيه واولهم خالد بخيت الذي تعمد وبصورة كبيرة الاهتمام بلاعبي الهلال واختيارهم للمنتخب دون النظر الى المستويات التي كانوا يقدمونها ودون النظر للأفضل منهم في الساحة فكان الاختيار للمنتخب هو الحلقة الاضعف والتي مثلت نظرة غير ثاقبة وساهمت في هبوط مستوى المنتخب بصورة مخجلة ظهرت في بطولة العرب بالدوحة .
نعم فشل المنتخب لكل تلك الاسباب ولكنه في بطولة الامم الافريقية والتي تقام حاليا بالكاميرون عاد بصورة افضل واقوى لتلافي كل تلك الاسباب والعمل بجدية لعودة دماء جديدة للمنتخب وتجانس جمع ما بين الشباب الطموح والخبرة التي يحتاجها المنتخب رغم تحفظنا على بعض الاختيارات فالسودان مازال ينبض قلبه بالكثير من الدرر والعديد من اللاعبين الذين اذا ما وجدوا الفرصة فإنهم سيكملون الصورة لتصبح واضحة المعالم ويساهموا مع بقية اخوانهم في تقدم مستوى المنتخب دوليا وعربيا وعالمياً فهناك اكثر من لاعب كان يمكن أن تتضمنه تشكيلة المنتخب التي لعبت بالأمس امام غينيا بيساو امثال السماني والصيني وعمار طيفور وغيرهم من لاعبي اندية الممتاز وطالما تمت الاختيارات بصورة مميزة كنا نتمنى ان تكتمل الصورة بضم هؤلاء اللاعبون وغيرهم .
ادى منتخبنا بالأمس مباراة فوق العادة وقلب كل الموازين وقدم صورة زاهية نالت استحسان كل العرب والافارقة الذي تابعوا اللقاء وظهر جلياً بأن السودان لديه مواهب كبيرة في كرة القدم يستطيع تقديمها لو وجدت الاهتمام الأمثل الذي تجده بقية المنتخبات وبقليل من الصبر والمشي في ذات الدرب نستطيع ان نقدم الكثير للكرة العالمية ونضع السودان ضمن اهتمامات العالم من حولنا، بل نستطيع ان نلعب ايضا لذاتنا ومكانتنا التي دوناها في سجل الاتحاد الافريقي لكرة القدم كمؤسسين لهذا الاتحاد وواضعين لبنة تأسيسه وقيامه.
الشاهد أن السودان بالأمس لعب كما لم يلعب من قبل اعتمد اسلوب برهان تيه على اللعب الممرحل من لمسة او لمستين مع الهدوء والتمرير الارضي القصير دون الاندفاع الهجومي السريع فركز برهان على الظهور بشكل جيد مع الاستلام والتمرير الارضي للزميل في عمليات خد وهات في وسط الملعب والتي اجاد فيها عبد الرزاق ومازن الظهير الايسر الذي لفت اليه الانظار بعمليات التحول السريع للتمرير الهادي الرزين والثبات في ارضية الميدان وتقارب اللاعبين مع بعضهم البعض دون اللجوء لتشتيت الكرة بصورة عشوائية فكان اللاعبون يهتمون بعملية التمرير الارضي للزميل القريب مع عدم الانزعاج من الخصم والاهتمام اكثر بلعب الكرة والانصراف لها دون التعقيد الممل او التشتيت الذي يفقد الفريق تماسكه لذلك ظهر شكل المنتخب بصورة مميزة واداء متماسك اعتمد على الضغط السريع على لاعبي الخصم فكان ان قدم اللاعبون مباراة اختلفت شكلا ومضموناً عما قدمه المنتخب في بطولة العرب.
الاتزان والتماسك واللعب بهدوء واستلام الكرات بثقة هو ما ميز اداء صقور الجديان في مباراة الامس وحتما لا يخلو أي فريق من الاداء السيئ في بعض الاحيان لكن الاخطاء التي وقع فيها لاعبونا كانت قليلة مقارنة بأدائهم في مباريات بطولة العرب ورغم اننا لم نصل بعد للمستوى الذي نطمح في تقديمه في هذه البطولة او غيرها الا ان ما حدث يعتبر نقلة وطريق وبصيص امل يمكن أن نتابعه ونلعب عليه ونقومه ونشيد به ونمدحه من اجل رفع روح اللاعبين المعنوية وتحفيزهم لتقديم الافضل في هذه البطولة.
ظهر عدة لاعبين في مباراة الأمس وبصورة مميزة مثل كرشوم مدافع المريخ الذي ادى مباراة راقية وتميز اداؤه بالثبات الانفعالي والتركيز العالي والقراءة السليمة لمعظم الكرات التي وصلت الى دفاع المنتخب فكان عند الموعد بالتغطية السليمة لظهر ابوعشرين بقراءته السليمة لوضع الكرة ووضعية اللاعب وكذلك للمشهد العام للهجمة وتعامله معها بتركيز عال وتفوق بدني وذهني عالي للغاية مما جعله يظهر بصورة مميزة بل ساهم في التقدم واخراج الكرات الى الزميل وهذا ما كنا نفتقد وجوده في المنتخب منذ امد بعيد .
نأمل ان يستمر كرشوم في تقديم مثل هذه المستويات مع بقية اللاعبين وكذلك قدم صلاح نمر مباراة فوق العادة وكان قويا ورائعا في عمليات التصدي لكل الكرات بيد ان نمر يعيبه الاندفاع الارعن في بعض المرات ونأمل ان يراعي ذلك خاصة عند اقتراب المهاجمين من منطقة الجزاء فعليه التعامل معهم بحذر وعدم الاندفاع الارعن في بعض الاحيان .
كذلك ظهر اللاعب محمد الرشيد بمستوى جيد وكان حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم وتميز اداء الرشيد باللياقة البدنية العالية فيما كان والي الدين خضر الاقل جهدا من زميله رغم قيامه بعدد من المهام التكتيكية في الرجوع للخلف لمساندة الدفاع فيما كانت مهمة الرشيد مساندة الهجوم واجراء عمليات الدعم والمساندة لذلك شاهدنا عكسيته لمحمد عبد الرحمن في بداية اللقاء والتي كاد الغربال ان يسكنها الشباك لولا تألق الحارس الغيني الذي خرج واستقبل والكرة بسرعة قبل وصولها لمحمد عبد الرحمن.
كذلك تألق اللاعب مازن محمدين وادى مباراة مميزة في الطرف الايسر وكان شعلة من النشاط وقدم عدد من الهدايا للهجوم افضلها الكرة التي عكسها للاعب محمد عبد الرحمن بالمقاس على رأسه ولكن الغربال اطاح بها خارج الثلاثة خشبات لتضيع فرصة ذهبية للسودان باقتناص هدف كان سيحول مجرى اللقاء لان هؤلاء الشباب كان ينقصهم فقط احراز هدف وبعدها لم يكن ليوقفهم احد .
رغم تألق علي عبد الله ابوعشرين في صد ركلة الجزاء وتصحيح الخطأ الذي فعله بعرقلته للمهاجم الغيني الا أننا نعيب عليه الكثير من الامور اهمها الخروج الخاطئ وعدم التوقيت الجيد للخروج وتلك مشكلة ظلت ملازمة لحراس المرمى كثيرا في السودان وهنا لابد ان يلعب مدرب الحراس دوراً كبيرا في هذه الجزئية لمعالجتها والعمل على تلافيها في المستقبل وتدريب الحارس عليها.
قدم اللاعب يسين حامد اداءاً مميزا في شوط اللعب الأول وكان نشيطا للغاية وتحرك بمسؤولية وسبب صداعاً دائما لدفاع المنتخب الغيني وكان واضحاً انه يحتاج للمشاركة اكثر حتى يجد الطريقة الملائمة للجراءة في التسديد في المرمى والاقتراب منه فبعض المهاجمين يحتاجون لذلك ويمكن معالجة هذا القصور بالإكثار من المشاركة مع المنتخب لتعود اللاعب وايجاد نفسه وطريقة لعبه لينسجم مع المجموعة وينجح في عملية الاختيار الانسب له ولذاته في ايجاد طريقه نحو مرمى الخصم وهذا ما يحتاجه هذا اللاعب ولنصبر عليه لنرى تألقه في قادم المباريات باذن الله .
من الامور الفنية المميزة هو الظهور الجيد للاعب عبد الرؤوف في وسط الملعب حيث امتعنا هذا اللاعب بفنياته العالية واستلامه وتمريره للكرة وثباته الانفعالي في وسط الميدان وتقديمه للسهل الممتنع ويحتاج عبد الرؤوف ايضا للمشاركة المستمرة حتى يقوى عوده وينسجم ايضا مع المجموعة مع ضرورة فعل امور اكثر جراءة لتقدم الافضل في قادم المباريات .
وكذلك لعب بقية العقد الفريد مصطفى الفادني وجمعة قلق والذين يحتاجون ايضا للتدرج للعب في مثل هذه المباريات ولن نحكم عليهم في الوقت الحالي وعليهم اقتناص الفرصة التي اتت اليهم على طبق من ذهب للظهور في مثل هذا المحفل الرياضي الكبير وبمزيد من الاجتهاد يمكنهم صنع وتقديم انفسهم للجمهور .
كل الامنيات للمنتخب في قادم المباريات الظهور بمستوى طيب او على اقل تقدير المحافظة على المستوى المميز الذي قدموه امام غينيا بيساو مع تمنياتنا للجهاز الفني برسم تكتيك جيد والتعامل مع المباريات القادمة بحسب المعطيات التي امامهم لرسم لوحة جيدة لأداء المنتخب .
وما التوفيق الا من عند الله ،،،