أخبار

وجهة نظر فنية نادر الداني استهانوا بخبرة المريخ فأعطاهم درسا في كرة القدم

وجهة نظر فنية
نادر الداني

استهانوا بخبرة المريخ فأعطاهم درسا في كرة القدم

حقق مريخ السودان فوزا غاليا وثميناً على فريق الأهلي طرابلس الليبي بهدفين دون مقابل لنجميه ايرك كمبالي والجزولي نوح في مباراة متوسطة متباينة الأداء فاجأ فيها المريخ قاعدته العريضة بأداء غير متوقع حيث انخفض أداء المريخ بصورة واضحة للعيان وفاجأ المريخ جماهيره وكل من يتابعه داخل الاستاد وخارجه قبل أن يفاجئ الضيوف ورغم الأداء المنخفض والغير متوقع استطاع المريخ بخبرة لاعبيه وتمرسهم في المستطيل الأخضر أن يقلب الطاولة على اهلي طرابلس الليبي ويفوز عليه بهدفين دون رد جاء الأول من تمريرة رائعة لعبت لإريك كمبالي عندما توغل في الجهة اليسرى وسط دفاع الأهلي طرابلس لعب الكرة بيساره خاطفة غالطت الحارس وتهادت داخل الشباك، هدف أول للمريخ وبعدها بدقائق استطاع الشاب اليافع الجزولي نوح ترجمة عكسية مازن محمدين برأسية رائعة في شباك الحارس الاهلاوي كفلت للمريخ تحقيق المطلوب ولكنها تركت أيضا أكثر من علامة استفهام كبيرة في مباراة الامس وسنحاول معاً معرفة ما حدث في مباراة الامس في السطور التالية.

دخل الأهلي طرابلس مباراة الأمس كعادة أي فريق يلعب خارج ارضه حيث وضح منذ البداية الحذر على لاعبيه ويبدو أن مدربهم عمل على اللعب بتوازن ما بين الدفاع والوسط والهجوم أي عدم الاندفاع للأمام بصورة قوية مع محاولة مباغتة المريخ بين الحين والآخر لكن خطة المدرب سرعان ما تبدلت تماماً أو بمعنى أصح فإن ظروف الميدان ساعدت كثيراً في تبديل خطة المدرب الى هجوم سريع على جبهة المريخ والرمي بكلياته نحو مرمى المريخ وهذا ما قصم ظهره وجعله يخسر مباراة الأمس لأن مدرب الأهلي ولاعبيه اصابهم الطمع (الطمع ودر ما جمع) وخُيل إليهم انهم سيفوزون على المريخ في أرضه ووسط جمهوره حتى أن المعلق الليبي كان فرحا بأداء المريخ وتضاعف الأمل لديه بالفوز ..لكنه لم يكن يعرف ما يخبئه لهم لاعبو المريخ .

أداء المريخ خلال الربع ساعة الأولى خدع الأهلي والمعلق الليبي تماما بل أن بعض جماهير المريخ وضعت ايديها على قلوبها فصراحة الأداء كان عكس التوقعات تمام فالكل قبل مباراة الأمس كان يرسم لوحة واقعية لمباراة الأمس بأن المريخ سيكون مهاجماً والأهلي طرابلس سوف يدافع عن مرماه وهذا هو واقع الحال الذي رسمناه جميعاً بل (شطحنا) وتخلينا المريخ وهو يمسك بزمام الأمور يمنة ويسرى ويروض الأهلي ويضعه تحت الضغط طيلة الشوطين بل ذهبنا الى توضيح كيفية دك حصون الأهلي وكيفية الوصول الى شباكه رغم التكتلات الدفاعية التي تخيلنا أن تحدث وهذا هو الواقع الذي رسمه الجميع لشكل مباراة الامس لكن المريخ فاجأ الجميع بأسلوب ظهر فيه بمستوى ضعيف فيه البطء في الأداء والتحول وكذلك تاه خط وسطه كثيراً ولم يستطع مجاراة وسط الأهلي الذي استحوذ على اغلب فترات الشوط الأول ولم يصدق لاعبو الأهلي بأن الذي امامهم هو المريخ الفريق الذي يخنق الكبار ويضعهم تحت الضغط المتصل فلقد انعدمت الرقابة اللصيقة بل انعدم الضغط المتصل على اللاعب الاهلاوي وظل لاعبو الأهلي يصلون ويجولون في أرضية الميدان دون رقابة ودون حسيب والادهى والامر من ذلك كله هو عدم وصول المريخ الى مرمى الأهلي وإيجاد صعوبة في ذلك من خلال التمريرات غير المتقنة ومن خلال تراجع المريخ في مرماه واعتماده على ثلاثي الدفاع كرشوم وبخيت خميس ورامي ورغم تألق كرشوم وظهوره بصورة مميزة وكذلك بخيت خميس فيما كان اقلهم اللاعب رامي لعدم خبرته ودخوله في فورمة المباريات التنافسية حيث كان رامي عبارة عن (شارع) للجناح الايسر للأهلي تفسح فيه وصال وجال وقطع نفسه من الجري على طول الخط حتى ان كرشوم اصبح يميل الى الجهة اليمنى لدعم رامي وكذلك خوسيه مكايا.

فكيف جرت الاحداث؟ وما الذي حدث بالأمس؟

إن طمع الأهلي في كسب اللقاء كان واضحا فمعظم الفرق تلعب خارج ارضها تلعب بتحفظ وتميل الى الدفاع لكن الأهلي تخيل لاعبوه أمور أخرى وحاول لاعبوه التقدم والتوغل داخل مناطق المريخ وتناسوا تماما انهم يلاعبون فريقا من نوع آخر لديه لاعبين يتميزون بالخبرة الطويلة في الملاعب الافريقية ولديهم مهارات يمكنها أن تحسم الأمور في جزء من الثانية وهذا ما تحدثنا عنه في مقالنا السابق فالمريخ به لاعبين أصحاب خبرة في مثل هذه المباريات واذا لم تتوفر لهم الامكانات المناسبة لضرب المنافس وتعرضوا لظروف استثنائية لكنهم قادرون على التصرف وفق الظروف المتاحة وهذا ما لم يحسبه لاعبو الأهلي وجهازهم الفني فاندفعوا مباشرة نحو مهاجمة المريخ وتركوا مساحات خلفهم كانت مناسبة جداً لاريك والجزولي للتلاعب بدفاع الأهلي وكشف عوراته وبالتالي أصابتهم في مقتل جراء حساباتهم الخاطئة بالتلاعب مع فريق كبير قد يمر بظروف استثنائية لكنها ابدا لا يجب ان تكون سببا في عدم احترامه كفريق كبير لديه هيبة في افريقيا ونازل اعتى الفرق وأقواها .

جاءت حسابات الجهاز الفني للأهلي خاطئة وبالتالي حدث لهم ما يسمى بالارتخاء او الاسترخاء (الاطمئنان) الدفاعي وترك مساحات خالية خلفهم مع الاطمئنان الذي دخل قلوبهم وتحول الى أجسادهم فتقدموا غير مكترثين بما يحدث في الجهة الدفاعية لفريقهم ..

دخل الأهلي في بداية المباراة وهو يجس نبض المريخ ومع عمليات جس النبض أتاح لاعبو المريخ للاعبي الأهلي التوغل والتقدم وكذلك لم يهاجم لاعبو المريخ الأهلي ولم يطبقوا سوى خطة مدربهم بالتراجع وتقفيل المنافذ وكذلك ترك الأهلي في مناطقه الدفاعية بصورة عادية دون اجراء أي عمليات مطاردة حيث تركهم الغرايري في بناء الهجمة بصورة سليمة مع عدم الضغط عليهم الا عند ملامسة دائرة السنتر.

شعر لاعبو الأهلي بضرورة تقدمهم وانها فرصة عظيمة لهم لدك حصون المريخ بين اهله وانصاره وطالما احرزوا هدفين في الفريق البورندي الذي واجهوه في السابق فان بإمكانهم الآن فعل ذلك بالمريخ وأن هذا امر متاح لهم حتى ان كانوا يلاعبوا المريخ صاحب الخبرة والامكانيات الفنية العالية ونسوا ان المريخ يمر بظروف صعبة ولديه غيابات عديدة ( السماني ـ الرشيد ـ نمر ـ حمزة ) والعديد من الظروف التي يعلمها الجميع، لكنهم تناسوا أن المريخ دوماً لديه بدائل وحلول أخرى لأن الفرق الكبيرة لا تقف على حل واحد وطريقة واحدة وأسلوب واحد .

شاهدوا المريخ وهو يدافع، شاهدوه وهو بطئ الحركة في التحول لدقائق معدودة فجاء حكمهم عليه بضرورة مهاجمته والنيل منه في اسرع وقت ممكن ولكن خاب ظنهم لأن الفرق الكبيرة لا يتم التعامل معها بهذه الطريقة.

تركهم المريخ يصولون ويجولون طولا وعرضا واستخدم احدى الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها دوماً وهو (سلاح السرعة في التحول) ومباغتة الخصم عن طريق تركه يلهو ويلعب ويفعل ما يريد فيما يجب التشدد معه في المناطق الدفاعية مع عدم الاندفاع كلية في الهجوم واللعب بهدوء لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة ويجعل الخصم يدوخ ويلف ويدور لكنه لا يستطيع الوصول الى الشباك مهما كان نعم هو يستحوذ ويتقدم ويفرض السيطرة شبه الكلية وكذلك يهدد المرمى في بعض المرات لكن تلك الأمور لم يتركها لهم المريخ عبطاً او دون ان يفعل شئيا وكما يقول أهلنا (كان راقدلوا فوق رأي) .

إنهم لم يعرفوا المريخ جيدا واعتمدوا على ادائهم امامه فقط وفي دقائق بسيطة قرروا مهاجمته وتخليص اللقاء.

فماذا حدث وكيف انقلب المريخ عليهم في ثوان معدودة ولحظات معدودة..

لم يدركوا أن المريخ بإمكان لاعبيه الوصول الى مرماهم في اقل من ثواني معدودة عن طريق (التحول السريع ) هذه هي الخطة التي لعب بها الغرايري ونفذها اللاعبون بصورة مميزة وادوها بتفان وإخلاص حتى وان كان غصباً عنهم ودون ارادتهم لكنهم لعبوها صاح واتقنوها بجدارة واستحقاق تمريرة والأخرى والثالثة في المرمى هدف قلب كل الموازين وجعل المعلق الليبي للمباراة يقول ان احداث المباراة ومجرياتها لا تعكس الواقع فالمريخ تقدم بهدف وهو فريق ليس في مستواه المعروف والمريخ فريق يمكننا تخطيه بسهولة فهذا ما قاله المعلق الرياضي في القناة الليبية بعد ان شاهد أداء المريخ وحداه الامل بالفوز عليه داخل ارضه وبين جماهيره .

ولم يفق الليبيون من صدمة الهدف الأول حتى فاجأهم الجزولي نوح برأسية زاحفة في المرمى هدف ثاني قتل فيهم الروح والأمل وجعل دهشتهم تتضاعف من الألم وجعل المعلق الرياضي يعيد حساباته الخاطئة ويقتنع بمقدرات المريخ وخبرته وقوته وهيبته ومكانته في القارة السمراء.

لقد ذكرتها لكم من قبل أن لاعبي المريخ لديهم ميزة الوصول الى مرمى الخصم بأسرع وسيلة ممكنة وصراحة لم اشاهد هذه الميزة في أي فريق آخر سوى الأندية الأوروبية لم اشاهدها في الأندية العربية الا في المريخ فالمريخ يمكنه وخلال جزء من الثانية قلب الطاولة على أي فريق ولدى لاعبيه في خط الوسط والهجوم سرعة عالية عند الانتقال أو التحول، نعم يمكنهم الوصل بتمريرة واحدة او اثنين بالكتير..هكذا اعطاهم المريخ درسا جديدا في كرة القدم عليهم ان يتعلموا منه الكثير..

نظرات فنية قصيرة:

علمهم المريخ ألا يستهينوا بخصم اقدم منهم في ممارسة كرة القدم ..
علمهم المريخ ألا يتقدموا الى الأمام ويتركوا دفاعهم لوحده وهم ينازلون بطلا من ابطال افريقيا خبر دروبها وعرف مسالكها..
علمهم المريخ عدم المجازفة في ارض الخصم والاستهتار به .

علمهم المريخ كيف انه قوي رغم نقصه وضعفه فلقد ظهر امامهم بأقل مجهود ..

علمهم المريخ انه لا يهزم حتى وان كان ناقصا ذهنيا وبدنيا وفنيا ..

علمهم المريخ انه لا يفرض حتى وهو في اقل حالاته الحركية والبدنية والذهنية ويجب الا يستهينوا به لأنه الاقوى منهم والافضل منهم رغم سيطرتهم والامل الذي كان يحدوهم..
الغيابات اثرت على الفريق ونأمل في عودة الغائبين نمر وحمزة بالذات في الدفاع وكذلك الاعتماد على رامي لا يجد ويجب توفير البديل.

موسيس وبومال وعمار طيفور ونمر وحمزة من الضرورة بمكان تواجدهم في تشكيل الغرايري في مباراة الرد .
المريخ قطع نصف المشوار ولكن لا يجب الاستهوان بالفريق الليبي والذي سوف يضاعف من تركيزه ليكسب مباراة الرد.
مباراة الرد لها حسابات أخرى تختلف تماماً واعجبني سفر الفريق مبكرا لليبيا وعقد معسكر تحضيري قصير هناك فهذه احدى علامات الجدية في حسم الوصول الى دوري المجموعات وهو قرار اكثر من موفق وموضوعي ويرسم الواقع باتقان.
غدا نكمل بقية الكلام…إن شاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!