وجهة نظر فنية نادر الداني وقفة تحليلية مع لقاء المريخ وهلال الفاشر

وجهة نظر فنية
نادر الداني
وقفة تحليلية مع لقاء المريخ وهلال الفاشر
حقق المريخ فوزاً غالياً وثميناً على هلال الفاشر بهدف دون مقابل بعد مباراة مثيرة وقوية بين الطرفين خاصة هلال الفاشر الفريق الذي عاند المريخ كثيرا وحرم لاعبيه من فوز سهل كما توقع الجميع حيث حضر لاعبو المريخ الى ملعب المباراة وهم يحملون بين جوانحهم نشوة الفوز على الهلال الأب فكان أن دخلوا الى المستطيل الأخضر وفي اذهانهم تحقيق فوز سهل المنال إلا أن هلال الفاشر فاجأ لاعبي المريخ بأداء قوي وجاد ومثير استطاع من خلاله أن يظهر قوة لاعبيه وتمكنهم من مجاراة المريخ في معظم فترات المباراة بل حرم المريخ من تحقيق فوز مبكر لولا حكم اللقاء وليد الطيب الذي نقض هدفين للمريخ لم نشك ولو للحظة انهما صحيحان مائة بالمائة حيث ظل التحكيم السوداني يشكل هاجساً كبيراً لعشاق الأحمر بسبب ما يرتكبه الحكام من اخطأ وكوارث ظلت تلعب دوراً كبيرا في نتائج مباريات الأحمر لتوثر تلك النتائج في صعود الهلال الى قمة الممتاز وبفارق النقاط مما يجعل من هذه البطولة مسخاً مشوهاً خاصة بالنسبة للجماهير التي ظلت تعاني من ظلم التحكيم المتوالي على الفرقة المريخية منذ انطلاقة المنافسة في تسعينات القرن الماضي .
نعود للقاء الأمس فلقد نجح نمر المريخ وصخرة دفاعه الصلد في استغلال كرة المبعدة من مدافع هلال الفاشر داخل منطقة الجزاء ليعالجها نمر بتسديدة قوية وقف عصام عبد الرحيم حارس مرمى هلال الفاشر يتفرج عليها وهي تغازل شباكه في زمن صعب للغاية (الدقيقة 93) من عمر الشوط الثاني ليترجمها نمر الخطير الى هدف جميل في مقص المرمى جعل به جماهير المريخ تدخل في فرحة هيستيرية نتيجة لحرمان الحكم لها من الفرح المبكر بعد هدف الجزولي نوح الصحيح والذي قفز فيه عاليا ليغالط الحارس عصام ويصل الى الكرة قبل ان يتمكن منها عصام عبد الرحيم حارس مرمى هلال الفاشر ولكن الحكم وكالعادة وقف سداً منيعا في عدم احتساب الكرة هدفاً ولكن فرقة المريخ لم تيأس حتى آخر رمق من عمر اللقاء فكان هدف نمر برداً وسلاماً عليها واشعل الملعب طولا وعرضا وجاء في زمن صعب للغاية .
المريخ لعب في بداية اللقاء بصورة مميزة وخنق هلال الفاشر في مرماه لكن خروج توماس احدث تحولا كبيرا في سير اللقاء حيث بدأ لاعبو هلال الفاشر في التقدم واستلام الكرات وتمريرها بينهم وبالتالي حرموا المريخ من عمليات التركيز نحو قيادة الهجمات وكذلك من الاستحواذ التام للكرة .
كما ذكرنا لعب هلال الفاشر مباراة قوية وجادة وكان نداً قويا للمريخ وتميز أداء لاعبيه الانضباط التكتيكي العالي ساعدهم على ذلك ارتفاع عامل اللياقة البدنية لديهم فمن الواضح ان د. معتصم المدير الفني لهلال الفاشر عمل على تجهيز لاعبيه بصورة مثالية، وأيضا استطاع دراسة المريخ بصورة عقلانية مذهلة وسوف نوضح كيف فعل ذلك بالتفصيل.
هلال الفاشر مارس ضغطا رهيبا على لاعبي المريخ ومن الواضح أن د.معتصم مدرب هلال الفاشر استطاع قراءة طريقة لعب المريخ حيث عمل على قفل مفاتيح اللعب في المريخ محاولا قفل كل المنافذ المؤدية الى مرماه خاصة من الأطراف حيث حاول منع توماس وبيبو من إمكانية التقدم وعكس الكرات لكل من الجزولي نوح ورمضان عجب مع التشدد في عمليات الضغط العالي على لاعبي المريخ وحرمانهم من الكرة في التلت الأخير لمرمى هلال الفاشر وقد نجح د.معتصم في ذلك مما يدل على أنه مدرب (ما ساهل) قام بقراءة اداء المريخ جيدا في مباراته امام الهلال العاصمي وعمل على إيجاد مكامن القوة والضعف في الفرقة المريخية ليسد معظم الثغرات التي كان ينفذ منها المريخ لضرب الخصوم.
هلال الفاشر تحرك بإيجابية حيث عمد لاعبوه على استخدام وسائل مميزة في ايقاف هجمات المريخ من ضمنها القيام بالمرتدات السريعة والاحتفاظ بالكرة دون تشتيتها مع التمرير المتقن كما أن الفريق لعب بانضباط تكتيكي عال جدا وبحركة سريعة في وسط الملعب فيما تحرك لاعبوه في الهجوم خاصة سامر عباس ومنتصر وانس ادم ومحمد ميرغني في وسط الملعب وكان هذا الرباعي هو الابرز في هلال الفاشر من حيث عمليات الاستلام والتسلم والتحكم في الكرة مع ضبط ايقاع اللعب في اضيق المساحات.
كما إنهم استخدموا كل الوسائل الممكنة لإيقاف حركة لاعبي المريخ وساندوا بعضهم البعض بصورة مميزة للغاية.
هجوم هلال الفاشر قاد عدة هجمات لكن اللافت للنظر أن تمركز لاعبو دفاع المريخ بقيادة كرشوم (النجم الأول في اللقاء) ونمر وبخيت خميس وقفوا بالمرصاد لكل تلك الهجمات وقاموا بتحويلها الى هجوم مضاد مما كان له الأثر الكبير في استمتاع المشاهد بمباراة قوية ومثيرة فالمريخ حاول جاداً محاصرة الهلال في منطقته وقد نجح في ذلك كثيراً لكنه لم ينجح في فك شفرة دفاع هلال الفاشر بكل الطرق التي استخدمها نتيجة لعمليات الضغط العالي التي كان ينتهجها مدرب هلال الفاشر ونتيجة للانضباط التكتيكي العالي الذي لعب به الخصم .
وجد المريخ صعوبة كبيرة في الوصول الى مرمى هلال الفاشر نسبة للتقفيل الجيد خاصة في خط الوسط وبعد خروج توماس تحديدا لان الغرايري اضطر لإخراج توماس المصاب وقام بإدخال السماني ليلعب في الوسط المتقدم ومعروف أن السماني لا يجيد الضغط العالي بصورة كبيرة مثل لاعبي المحاور في المريخ بيد أن السماني مميز عند الاستحواذ على الكرة لذا فإن قوة المريخ والتي كانت ترتكز على خط الوسط والأطراف قلت كثيرا بعد خروج توماس نسبة لرجوع رمضان لخانة الطرف اليمين وبالتالي اصبح الجزولي وحيدا في الهجوم وسط كماشة من مدافعي هلال الفاشر لذا كانت حركة الجزولي محدودة للغاية وتحت سيطرة مدافعي هلال الفاشر ولكن رغم ذلك اهدى الجزولي كرات رأسية للاعبي المريخ وكانت حركته جيدة في خط الهجوم بل احرز هدفا صحيحا نقضه الحكم دون أي مبرر مقنع أو ربما نقضه الحكم بحجة الاحتكاك مع الحارس (كما تخيل الحكم) علما بأن حارس هلال الفاشر عصام كان رافعا يديه للأعلى لاستقبال الكرة وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار ذلك مخالفة لأن الكرة كانت في الأعلى ولم يكن هناك أي احتكاك بدني مع الحارس فالكرة لم تكن في متناول الحارس عصام بل لم يك الحارس مستلما للكرة او محضنا لها في صدرة وبالتحديد فان الكرة كانت بعيدة عن جسد الحارس بالإضافة الى سرعة الجزولي في وصوله للكرة قبل الحارس وبالتالي هي هدف صحيح مائة بالمائة فمن اين اتت لجنة التحكيم المركزية بهذا الحكم الذي لا يفقه شيئا في قانون التحكيم .
كما ان الحكم نقض هدفا آخرا للاعب وجدي عوض عندما رجعت له الكرة التي لمسها الحارس عصام عبد الرحيم حارس هلال الفاشر وبالتالي في هذه الحالة تعتبر الكرة راجعة من الخصم لذا لا تحتسب تسلل رغم ان اللاعب وجدي كان في موقع تسلل واضح لكن ملامسة الحارس بيده للكرة نقضت التسلل.
خروج اللاعب توماس اثر كثيرا في هجمات المريخ واعطى بعض الاريحية لهلال الفاشر حيث ارتاح لاعبوه لان توماس كان كثير الحركة وتميزت حركته بالسرعة في نقل الهجمة وعكس الكرات والدخول في منطقة جزاء الخصم بالإضافة الى أن توماس لديه ميزة التسديد القوى بكلتا القدمين.
التكت تحرك كثيرا مع وجدي وقادا عدة هجمات على مرمى هلال الفاشر لم يكتب لها النجاح، ويحتاج التكت ووجدي عوض الى التركيز الجيد في خط الوسط وعدم لعب التمريرة الخاطئة ولكن في المجمل فان ارتفاع لياقة اللاعبين ساعدتهما في الاستحواذ على الكرة والتمكن منها في خط وسط المريخ .
السماني لعب في غير خانته المعروفة وهي الطرف الشمال حيث أن السماني يحتاج لأن يستلم الكرات من الناحية اليمنى للمريخ ومن ثم يتقدم بها لإيجاد مجال للتسديد ويبدو أن معرفة د.معتصم مدرب هلال الفاشر بمقدرات لاعبي المريخ جعله يضع تكتيكا مضادا لكل الجمل التي كان يقوم بها اللاعبون فلقد فرض مدرب هلال الفاشر رقابة صارمة على السماني والجزولي ثم لعب على اغلاق الاطراف مع القيام بحركة سريعة عند استلام الكرة مع سرعة الانتشار ومحاولة تهديد مرمى المريخ.
نعيب على الغرايري لعبه بنفس الطريقة التي لعب بها أمام الهلال العاصمي حيث كان لابد من تعديل طريقة اللعب (2/5/3) لأن هلال الفاشر كان متوقعا أن يلعب مدافعا وبالتالي كان من المناسب اللعب معه بطريقة (2/4/4) حتى يستحوذ على الكرة تماما في وسط الملعب بدلا من اللعب بثلاثة محاور لأن الطريقة اصبحت مكشوفة ولو لعب بها مرة الى آخر العمر مع هلال الفاشر لما احرز هدفا ونحمد الله أن الهدف أتى من خطأ دفاعي قاتل لهلال الفاشر الذي اهدى نمر تمريرة رائعة ليستغلها نمر بالمتابعة ويلعبها مباشرة في المرمى هدف رائع وجميل.
ملاحظة مهمة وهي أن اللاعب النيجيري توني لم يك جاهزا لهذه المباراة من النواحي البدنية ولا ندر السبب في الدفع به مبكرا ومنذ بداية الشوط الثاني، فالمريخ كان يحتاج الى وسط جيد للاستحواذ على الكرة وقيادة هجمات أي أن المريخ كان يحتاج لتحضير الهجمات بصورة جيدة مع ايقاف هجمات هلال الفاشر المرتدة نحو مرمى محمد المصطفى وبالتالي كان لابد من الإبقاء على نفس العناصر في خط الوسط وان كان لابد من دخول توني عندها كان يجب سحب السماني او عدم الدفع بتوني إلا في الربع ساعة الأخيرة ، لان ميزان وسط المريخ في عمليات السيطرة على وسط الميدان اختل كثيرا مما افسح المجال لوسط هلال الفاشر في السيطرة والاستحواذ على الكرة ولكن بعد دخول محمد الرشيد عادت السيطرة لوسط المريخ وازداد ضغط المريخ على جبهة هلال الفاشر ليتراجع لاعبوه بصورة كلية لحماية مرماهم حتى تمكن نمر من ايجاد فرصة ذهبية من خطأ المدافع الهلالي ليقتنص نمر الفرصة ويفترس بها هلال الفاشر ويقنص للمريخ ثلاث نقاط غالية الثمن.
حكم المباراة وليد الطيب اتخذ عدد من القرارات الغير منطقية وحرم المريخ من فوز مبكر وتسبب في توتر اللاعبين ولكن عناية الله انقذت المريخ بهدف صلاح نمر في آخر الثواني.
مشكلة لاعبي المريخ تتمثل في عدم استمرارية الانضباط التكتيكي داخل الملعب فأحيانا وفي اوقات محددة يتوقف امداد بعض اللاعبين فيما يتصاعد مستوى بعضهم للأفضل ويمكننا القول بأن الغرايري مازال ينتظره عمل كثير ليضبط ايقاع الفرقة المريخية.
التعديلات الكثيرة في الفريق وفي تشكيلة المباراة رغم أنها تغير من شكل الفريق لكنها مهمة للغاية حتى تعطي اللاعبين الجاهزية الفنية والبدنية لأكبر عدد منهم فعودة توني ومحمد الرشيد والسماني تعني الكثير في قادم المباريات ونعتقد بأن فوائدهم ستظهر أكثر في المباريات القادمة.
كل التوفيق للأحمر الوهاج ..




