وجهة نظر فنية نادر الداني المنتخب الوطني حقق المطلوب ولكن!!
وجهة نظر فنية
نادر الداني
المنتخب الوطني حقق المطلوب ولكن!!
حقق منتخبنا الوطني الفوز على منتخب جمهورية الكنغو الديمقراطية بهدفين مقابل هدف بعد مباراة مثيرة ومتقلبة في الأداء والنتيجة حيث كاد منتخبنا أن يفقد نتيجتها نتيجة للأداء المتقلب ما بين الاجادة المميزة في بعض الأحيان ومن ثم الإخفاق في مواضع كثيرة.
رغم الانتصار بهدفين مقابل هدف فإن لاعبي المنتخب لعبوا بأعصاب الجماهير التي كانت تتابع اللقاء وحقيقة فإن الشعور الذي كان سائداً في أثناء سير المباراة يوحي تماماً بأن المنتخب الكنغولي يمكن أن يحقق نتيجة التعادل في أي وقت من أوقات اللقاء لأن التحركات التي كان يقوم بها والطلعات الهجومية التي قادها محترفوا الكنغو والتساهل الذي وجدوه من اطراف منتخبنا مازن وعوض كان ينبئ بكارثة وهزيمة ثقيلة الحمد لله انها لم تحل بالمنتخب كما لا ننكر جهود قلبي الدفاع كرشوم ونمر في التصدي للعديد من الهجمات الكنغولية والحمد لله لان التوفيق لم يحالف لاعبي الكنغو في هذه المباراة وقدر الله ولطف .
حارسنا الوطني محمد المصطفى وقف سداً منيعاً لمعظم كرات الكنغو وابعدها بفدائية وفي احدى الهجمات السريعة لمنتخب الكنغو ومن احدى اخطر الكرات الأرضية والمسددة على يمين المصطفى استطاع وببراعة شديدة وحسن توقع مميز استطاع الانقضاض على الكرة واحتضانها ليتنفس الجميع الصعداء وينجو المنتخب من هدف محقق.
منتخبنا الوطني كان يقود الهجمات المرتدة بصورة مميزة ساعدهم على ذلك ضعف دفاع المنتخب الكنغولي حيث لم يكن دفاعهم في المستوى المطلوب بالإضافة الى قوة هجوم المنتخب السوداني والذي اجاد فيه وليد الشعلة في الشوط الأول وكان شعلة من النشاط والحركة الدؤوبة في طرفي الملعب خاصة في الطرف الشمال ومن احدى الهجمات وصلت الكرة الى محمد عبد الرحمن والذي اعطى الشعلة تمريرة مميزة بين المدافعين ليستغل الشعلة سرعته القصوى ويأتي من خلف المدافع الكنغولي ويباغته باستلام الكرة من امامه ويدخل يها نحو المرمى واضعا المدافع خلفه مباشرة ليصبح في حالة انفراد بالمرمى وعند خروج الحارس يضع الشعلة الكرة أرضية زاحفة في الشباك الكنغولية هدف اول للسودان فاجأ الكنغوليين ووضعهم تحت الضغط وعطل كل الخطط التي اتوا بها للسودان من اجل خطف النقاط الثلاث.
وسط المنتخب الذي لعب فيه بوغبا وعمار طيفور وعبد الرؤوف تأرجح فيه الأداء ما بين الحسن والجيد وفي بعض الأحيان كان الثلاثي بطيئاً للغاية في عمليات التقفيل والرقابة والضغط على لاعبي المنتخب الكنغولي لان الكنغوليين استغلوا تباعد خط وسط السودان وقاموا بالعديد من الطلعات الهجومية عن طريق الأطراف خاصة من جهة مازن محمدين والذي كان ثغرة واضحة في خط الدفاع لم يفطن لها برهان تية طيلة شوطي اللقاء بان الهجوم تواصل في هذه الناحية وكان من الاجدر تحويل احد لاعبي الوسط لمساندة مازن خاصة عند تقدمه في الطرف اليسار ولكن شيئا من ذلك لم يحدث حيث كان الشعلة يحاول في بعض المرات القيام بعملية المساندة الدفاعية مع مازن ورجع كثيرا في هذه المنطقة فيما اكتفى بوغبا باللعب امام كرشوم ونمر بينما حاول صانع الألعاب الوحيد عبد الرؤوف تمويل محمد عبد الرحمن والشعلة ببعض الكرات البينية لكن تمريراته ذهبت كلها لمدافعي الكنغو ليتحمل دفاع منتخبنا الوطني عبء أخطاء لاعبو الوسط ولاعبو الأطراف مازن وعوض وان كان عوض افضل حالا من مازن لكنه أيضا لم يجد المساندة في الطرف اليمين الا قليلا من عمار طيفور فيما تحمل كرشوم ونمر كل طلعات الكنغو من جانب مازن ليستبسل الثنائي في الزود عن مرمى المنتخب ومن خلفهم كان الحارس اليقظ محمد المصطفى والذي ابدع بمرونته المميزة في التقاط اكثر من كرة عالية وابعاد كرات أخرى بقبضة اليد والجميل انه كان يبعد تلك الكرات المعكوسة الى الأطراف وهذا يعني أن تدرب بصورة مميزة ولديه فكرة راسخة عن حراسة المرمى وكيفية التصرف في المواقف الصعبة التي تتطلب الخروج الجيد وردة الفعل الجيدة لإبعاد الخطر عن مرماه برافووووووووو المصطفى فقد كنت نجما في سماء استاد الهلال ورجل المباراة الأول في رأيي الشخصي.
عموما استمر الأداء بين الفريقين بهجوم ضاغط على جبهة منتخبنا في محاولة من الكنغوليين لمعادلة النتيجة الى ان أطلق الحكم نهاية الشوط الأول بتقدم منتخبنا بهدف دون رد للكنغو.
وفي شوط اللعب الثاني تواصل الأداء بذات الوتيرة مع التشدد في الجهة اليسرى لمنتخبنا برجوع اكثر من لاعب لمساندة مازن حيث فطن برهان تية للثغرة التي كان ينفذ من خلالها الكنغوليون بصورة متواصلة ورغم ذلك كانت هناك هجمات خطيرة على مرمانا والدليل وجود عدد من الركلات الركنية للضيوف ضاعت كلها بالتسرع وعدم التركيز وباستبسال جيد من الحارس المصطفى وكرشوم ونمر اللذان ابدعا في عملية ابعاد الكرات العالية والتصدي لكل الهجمات بفدائية وروح عالية فيما بدأ محمد عبد الرحمن يتحرك خلال الشوط الثاني بإيجابية وتعرض للعنف الشديد من جانب الضيوف ولكن الذي حدث ان الجميع كان يتوقع بين لحظة وأخرى ان يخطف الكنغو هدف التعادل ولكن تحرك محمد عبد الرحمن وايجابيته في الانطلاق ببعض الكرات وتبادلها مع ياسر مزمل اجبر دفاع الجابون على البقاء في مناطقه وبالتالي خفف الضغط كثيرا على جبهة منتخبنا فيما كان جناحهم اليمين خطيرا للغاية وارهق ظهيرنا الأيمن عوض ارهاقا شديدا .
والمباراة تدخل في دقائقها الأخيرة يستلم الغربال تمريرة جيدة من عثمان ميسي الذي دخل بديلا في شوط اللعب الثاني وينطلق بها الغربال نحو مرمى الضيوف ثم يمرر لياسر مزمل على الناحية اليمنى ليتقدم ياسر خطوات للأمام وتوقع الجميع ان يقوم بالتسديد رغم ضيق الزاوية لكنه تصرف تصرفاً دل على انه مهاجم مميز حيث مرر الكرة مرة أخرى الى الغربال الذي لم يجد صعوبة في ايداعها شباك الضيوف هدف ثاني جميل وملعوب فيه الصناعة والتمرير والذكاء من كلا اللاعبين الغربال وياسر مزمل مع ضرورة القول بان الدفاع الكنغولي والحارس لم يتوقعا ما فعله مهاجمي المنتخب ياسر والغربال ليكون هذا الهدف بمثابة الأمان والاطمئنان لمنتخبنا في كسب النقاط الثلاث .
وبعد دقيقة او دقيقتين من هدف الغربال يقلص الضيوف هدفي السودان الى بهدف وحيد جاء بسبب سوء التغطية والتوهان في الدقائق الأخيرة لكل من كرشوم ونمر حيث يسألا عن هذا الهدف المباغت والذي اعطى الضيوف الأمل في البحث عن هدف التعادل وكذلك جمهورهم الذي صحى من غفوته في اخر الدقائق الا ان الوقت كان قد نفذ تماما بعد ان احتسب الحكم ثلاثة دقائق إضافية ليطلق بعدها الحكم صافرته معلنا اعلان السودان فائزا على الكنغو بهدفين مقابل هدف .
المباراة كشفت الكثير للجهاز الفني للمنتخب وعلى الجميع الجلوس لأخذ الدروس وتلافي السلبيات العديدة التي اثرت في سير اللقاء وجعلت الجماهير تضع يدها على قلبها طيلة زمن اللقاء فهذه واحدة من العلل التي ظلت تلازمنا الا وهي الكرات المعكوسة من الأطراف وكذلك الركلات الحرة المباشرة وغير المباشرة والتي تكون بالأطراف فهي تحتاج الى تدريب مكثف لأفراد الدفاع كما نحتاج الى توعية المدافعين ولاعبي الوسط بعدم تعمد الخشونة او التهور في تلك المناطق خوفا من عمل المخالفات في تلك المناطق الخطيرة خاصة على الأطراف.
تبقى وقت لا بأس به لبرهان ومحسن وطاقمهما المعاون من اجل الجلوس لإعادة الحسابات في العناصر وكذلك الاستفادة من كل السلبيات التي حدثت في هذا اللقاء ومعالجتها كلها مع ضرورة اختيار طريقة جيدة تناسب مهارات اللاعبين ومقدراتهم الفنية.
نظرة أخيرة:
حتى نواكب مسيرة تطور كرة القدم التي ظهرت في الآونة الأخيرة في بعض البلدان التي كنا نفوقها فناً ومهارة في هذه اللعبة فانه يجب علينا أن نشرع فوراً في إقامة وتأسيس مدارس سنية للناشئين وعمل اتفاقيات وبرتوكولات مع مدارس من خارج البلاد وعلى الاتحاد العام السوداني تبني إقامة تلك المدارس والاستفادة التامة من كل العلاقات التي تربطنا بدول شقيقة مثل قطر والامارات وغيرها من الدول لإقامة مثل هذه المدارس مع ضرورة الاهتمام بالناشئين والشباب والفرق السنية لأنها المستقبل الوحيد الذي نعول عليه في نهضة الكرة في البلاد وفي ذات الوقت يجب الاستمرار في مشاركاتنا الخارجية الحالية مع ضرورة تطوير الشباب والاهتمام بهم في مجال الإدارة الرياضية من اجل صناعة جيل يستطيع ان يضع الخطط ويرسمها لنا من اجل تطوير كرة القدم في البلاد .
مرة أخرى مبروك الفوز لمنتخبنا ومزيد من الانتصارات في قادم المباريات ،،،